بقلم أحمد نظير الأتاسي
أعرف تماماً أن الناس تريد حلاً سريعاً وتريد سلامة أولادها وأهلها وأموالها. لكن ما يجري الآن ليس إلا لعبة بوكر بالنسبة للنظام. الورق الذي بيده ضعيف لكنه يُظهر وجهاً قوياً ويُشيع الرعب بين الناس. اعتقدنا أنه يقودنا إلى حرب أهلية، لكنه أثبت أنه أجبن من أن يفعلها، لكنه يخوّف الناس بها وقد نجح. ما حصل في السميراميس ضربة معلم وأعتقد أنها من عمل شركة أمريكية للعلاقات العامة من النمط الذي يدير الحملات الإنتخابية.
يعتقد الناس أن المعارضة في الديمقراطية تنشأ من تعارض في الأفكار فقط. هذا نصف الحقيقة، والنصف الآخر هو أن المعارضة تُعطي الشرعية للنظام القائم، وتعطي للنظام أناساً من أمثاله يتحاورون معه كلما وقع في أزمة وبذلك يبدو وكأنه يفعل شيئاً وبهذا يمتص النقمة. وكل نظام بحاجة لمعارضة وهذا ما يسميه الأمريكان مناورة الشرطي الجيد والشرطي السيء. ونرى هذا في الأسرة أيضاً حين يكون الأب قاسياً مثلاً والأم حنونة أو العكس. والهدف هو تعويد الطفل على القبول بالأمر الواقع الذي هو الحد من حريته المطلقة، فالشديد يفرض الحدود واللين الحنون يمتص الصدمة ويخفف منها ويبني مشروعيتها وحتميتها (أي الواقع الذي لا مفر منه). هذا ما يريده النظام، بعض التنازلات تضمن بقاءه وتُعيد إليه شرعيته التي فقدها بسرعة كبيرة وتعطيه محاورين يتفاوض معهم أمام الكاميرا يوافقون على كل طلباته. والأنظمة تصنع معارضتها على مقاسها. الأسد كان شديداً فصنع معارضة هزيلة وضعها في الجبهة التقدمية. والآن إبنه يصنع معارضة أقوى بقليل. لكنها تبقى معارضة هزيلة لأنها ستعطي النظام الشرعية التي يحتاجها والتي فقدها.
هذا تحليلي لما حدث في السميراميس. الإجتماع كان ميلاد معارضة لن تفعل أكثر من الإبقاء على النظام وإعادة الحياة إليه. معارضة ليس فيها سياسي واحد، كلهم حقوقيون وصحفيون وفنانون، أي معارضة "طيبة" ومثالية. في السياسة لا يلعب اللاعبون إلا ليربحوا (أعني سياسياً)، ولا أحد يلعب حتى يمارس الجميع حريتهم ويعبروا عن آرائهم وما إلى ذلك مما يطالب به المثقفون عادة. أعتقد أن النظام بمساعدة خارجية سيعيد إنتاج صورة لنفسه تشبه ما كان عليه نظام مبارك. وإذا لم تنجح الخطوة فهي على الأقل ستشق صف المثقفين المعارضين وستضعف أمل التنسيقيات والإحتجاجات في دعمهم. وإلى لقاء مع ثورة أخرى بعد عشرين عاماً ضد الأسد وقد ناهز السبعين.
هناك تعليقان (2):
تحية طيبة . هل تتسع صفحتك هذه لنشر مقالات مترجمة ؟؟ لدي مقالة ترجمتها عن الاسبانية و أرغب في نشرها , فهل هذا متاح ؟
شكرا و السلام
بالطبع، أهلاً وسهلاً بك. وإذا أردت أرسلها أيضاً إلى موقع صفحات سورية وموقع الحوار المتمدن فهم يقبلون نشر المقالة المنشورة في أماكن أخرى. إيميلي هو
wikisuriya@gmail.com
وإذا أردت إستعمال إسم مستعار فهذا ممكن.
إرسال تعليق