الخميس، 19 مايو 2011

تمرين: إبحث عن الطائفي أو الطائفية في هذه المقالة!

بقلم أحمد نظير الأتاسي
"يا ربي من أين جاء هذا الحقد؟ من أين أتت هذه الطائفية؟ والله لم نكن نعرفها في بلادنا ولم نرها في حياتنا!" إذا سمعت أحداً ينطق بمثل هذه العبارات فاعرف أنه إما أعمى أو أنه يكذب أو أنه ساذج أو أنه عاش كل حياته ضمن طائفته ولم يتعرف على أحد من طائفة مختلفة. خلال المئة سنة الأخيرة، وأعني منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية، فإننا والغرب معنا، أو نحن معهم، لم نتوقف عن تحليل الإسلام والمسلمين للحظة ولم نتوقف عن انتقادهم أو نصيحتهم أوالهجوم عليهم أو توعيتهم أو دعوتهم إلى النقد الذاتي باعتبار أن الإسلام أصبح العدو اللدود للحداثة الغربية وما تمثله من ديمقراطية وحقوق إنسان وحريات فردية وسلطة القانون. مذاك ما فتئنا نردد أن الإسلام دين صحراوي، دين من القرون الوسطى، دين عنيف، دين متسلط، دين أبوي، دين قائم على الخوف والطاعة العمياء، إلى آخر هذه الآراء السلبية التي لا تنتهي. لذلك أود الآن أن آخذ بضعة سطور للحديث عن الأديان الأخرى وأتباعها طلباً لبعض التوازن فيما يسقط على أسماعنا.

السبت، 14 مايو 2011

الديني في الإنتفاضة السورية – الجزء الثاني

بقلم: أحمد نظير الأتاسي
لا أحد ينكر وجود شرخ كبير في المجتمع السوري من حيث موقف فئاته المختلفة من الإنتفاضة. والمثير للإستغراب في الأمر هو أن الإعتراض على شكل الإنتفاضة وأهدافها المزعومة قد أخذ شكل الموالاة لنظام أمني بامتياز حكم المجتمع السوري بقبضة من حديد لأكثر من أربعين عاماً. وبما أن أذى النظام قد طال مختلف فئات المجتمع الطائفية والطبقية والمهنية والثقافية فإنه من المستغرب تخوف العديد من السوريين من الإبتعاد عنه والإنحياز إلى هدف الإنتفاضة المعلن بإسقاطه. وباعتقادي أن هذا الشرخ ليس وليد اللحظة الراهنة وحالة إنعدام الأمن المرافقة لأية انتفاضة، وإنما بدأ من حوالي عشرين عاماً في بداية التسعينات من القرن الماضي حين تغيرت موازين القوى العالمية وبدأ الأسد الأب بتحضير سوريا والسوريين لمرحلة ما بعد موته وما رافق ذلك من إعادة هيكلة للإقتصاد السوري ولمؤسسات النظام من حزب وجيش وأجهزة أمنية وبيروقراطية وقطاع عام. وقد تبع ذلك إعادة هيكلة للمجتمع السوري بأسره.
إننا أمام واحدة من تلك اللحظات التي قد ترسم تاريخ البلد لعقود قادمة.

الجمعة، 13 مايو 2011

الديني في الإنتفاضة السورية - الجزء الأول

بقلم: أحمد نظير الأتاسي
أكد لي صديق وجود حالات هجوم مسلح على قوات الأمن في درعا وبانياس وحالات إطلاق شعارات دينية وطائفية خلال بعض المظاهرات. كما أكد هيثم المناع في مقالته الأخير على الجزيرة بتاريخ 13-5-2011 حدوث حالات ثأر وسماع شعارات طائفية في الجنوب. وكتب أحد الحمصيين في رده على البيان الثاني للكاتب فراس السواح الذي استنكر فيه الشعارات الطائفية لبعض المظاهرات ودعا إلى تهدئة الوضع بأنه لم يسمع مثل هذه الشعارات في حمص، ونوه إلى تمسك المتظاهرين بالسلمية والبعد عن إثارة الطائفية . لكنه أضاف بأن حدوث مثل هذه الأفعال إن حدثت يجب أن يؤخذ في سياق أربعين سنة من التفرقة الطائفية الممنهجة التي اتبعها النظام السوري وفي سياق خمسة أسابيع من القمع الوحشي الذي نجح النظام في إظهاره بصورة طائفية من خلال وصف جميع المتظاهرين بأنهم سلفيون تكفيريون هدفهم قتل الأقليات الدينية وإقامة إمارات إسلامية طالبانية. طبعاً وحتى لو كانت ادعاءات النظام صحيحة فإن وقوع مئات الجرحى واعتقال آلاف المواطنين يضع كثيرات من علامات الإستفهام والتعجب على معالجته للوضع التي اتسمت باستخدام مفرط وعشوائي للخيار الأمني وتجنيد وتسليح مواطنين مدنيين في لجان شعبية بدعوى حماية الممتلكات والأرواح. إن زج المدنيين في المعركة المزعومة لا يدل على شعبية النظام وإنما يدل على استهتار هذا النظام بحياة مواطنيه حتى المؤيدين منهم. لو لم يكن الفصل الواضح بين المدنيين والعسكريين لما أنشأت الدول جيوشاً بثياب مميزة وعزلتهم عن بقية الشعب في ثكنات خاصة وقاضتهم في محاكم عسكرية خاصة تحت سلطة قانون مخصص للعسكريين.

الثلاثاء، 3 مايو 2011

ماذا يحدث في سوريا اليوم؟

بقلم: أحمد نظير الأتاسي
هذا سؤال يقض مضاجع كل السوريين هذه الايام، لا بل وجيرانهم من كل الجهات، القريب منهم والبعيد. إن ما يجري الآن في سوريا صفعة في وجه كل الأعراف الدولية التي تقوم عليها الدولة الحديثة، وأعني مفاهيم القانون والمؤسسات والمواطنة واحترام حقوق الإنسان. وبغض النظر عن الميل إلى طرف المعارضة أم الموالاة، وهي بحد ذاتها تصنيفات لاوزن لها فيما أقول هنا، فإن غياب القانون المتمثل بالتشريعات والسيرورات القانونية، وغياب مؤسسات الدولة مثل مجلس الشعب والشرطة والقضاء المستقل، وغياب المواطنة باعتبارها الهوية العليا والجامعة لأبناء الشعب الممثل بالدولة والضامنة لحقوقهم بالتساوي بينهم، وغياب الحد الأدنى من احترام حقوق الإنسان كحق الحياة وحق المأكل والمشرب وحق التعبير عن الرأي، كلها تُخرج سوريا من عداد الدول الحديثة وتُدخلها في عداد ممالك العصور الوسطى حيث تُختزل الدولة ومؤسساتها بشخص الملك الحاكم المالك لكل شيء وبأسرته وحاشيته، وتُختزل القوانين بأهوائه وأوامره ونواهيه، وتُختزل المواطنة بمفهوم الرعية التي لا حقوق لها بل عليها واجبات لا تعد ولا تحصى وأولاها واجب الطاعة والصبر والقبول بالقدر الإلهي الذي سلط عليها حاكمها الطاغية ليعاقبها على خطاياها الماضية والحاضرة والمستقبلة