الأربعاء، 29 يونيو 2011

دعوني أفكر طائفياً وبصوت عال

بقلم: أحمد نظير الأتاسي
 من وحي هذه الأيام لا مفر للإنسان السوري من أن يفكر بالطائفية ولو أخذته الفكرة غدراً كما يقول أهل حمص. الكل يؤكد أننا في سوريا لم نعرف الطائفية أبداً ونعيش بسلام، مسيحيون (بكل طوائفهم الفرعية) وسنيون وعلويون (بكل عشائرهم المختلفة) ودروز وإسماعيليون (بكل تصنيفاتهم القديمة والحديثة) وغيرهم ممن نسيت ذكرهم. طبعاً هذا محتمل لأننا في أغلب الأحيان لا نعيش في نفس الأحياء، وعندما يسكن أحد "الغرباء" في البناية لا نسميه إلا بجارنا المسيحي أو جارنا السني، لأنه في النهاية أليس مسيحياً أو سنياً (ولا شيء آخر)؟!!! عشت في سوريا عشرين عاماً وأمضيت العشرين الأخريات في فترة نقاهة أحاول أن أنسى كيف كنا نعيش بسلام. طبعاً أنا لم أسمع في حياتي تعابير مثل نصراني مشرك، نصيري كافر، سمعولي عبّاد الفرج، أو سني متخلف يحجب نساءه ويقترف الموبقات. هذا غير الكلمات الدالة على شخص من الآخرين لايعرفها إلا أبناء الطائفة الذين اخترعوا هذه الكلمات. "تحريم التشبه بالنصارى" ليست قاعدة شرعية مبنية على حديث منسوب للنبي محمد، وجرائم الشرف لا تحصل إلا عند المسلمين لأنهم لا يعترفون بإنسانية المرأة. لا يوجد متعصب مسيحي أو علوي مثلاً لأن التعصب صفة خاصة بالسنة.

تعليق على اجتماع السميراميس

بقلم أحمد نظير الأتاسي
أعرف تماماً أن الناس تريد حلاً سريعاً وتريد سلامة أولادها وأهلها وأموالها. لكن ما يجري الآن ليس إلا لعبة بوكر بالنسبة للنظام. الورق الذي بيده ضعيف لكنه يُظهر وجهاً قوياً ويُشيع الرعب بين الناس. اعتقدنا أنه يقودنا إلى حرب أهلية، لكنه أثبت أنه أجبن من أن يفعلها، لكنه يخوّف الناس بها وقد نجح. ما حصل في السميراميس ضربة معلم وأعتقد أنها من عمل شركة أمريكية للعلاقات العامة من النمط الذي يدير الحملات الإنتخابية.
يعتقد الناس أن المعارضة في الديمقراطية تنشأ من تعارض في الأفكار فقط. هذا نصف الحقيقة، والنصف الآخر هو أن المعارضة تُعطي الشرعية للنظام القائم، وتعطي للنظام أناساً من أمثاله يتحاورون معه كلما وقع في أزمة وبذلك يبدو وكأنه يفعل شيئاً وبهذا يمتص النقمة. وكل نظام بحاجة لمعارضة وهذا ما يسميه الأمريكان مناورة الشرطي الجيد والشرطي السيء.

الجمعة، 24 يونيو 2011

عن الطائفية والحكم في سوريا

بقلم د. أحمد نظير الأتاسي
 هذه المقالة رد على مقالة " رسالة من صديق علوي" نشرتها صفحة التطورات السورية إف تي إن على الفيس بوك. كل الإحترام والتقدير للكاتب أياً كان وبغض النظر عن حقيقة هويته لأنه طرح نقاطاً هامة لا بد من طرحها على بساط النقاش مهما كانت لغتها قاسية وأحياناً فجة ومهما كانت أفكارها صادمة لأن بعضها حقيقي. مأخذي على المقالة أنها تعاملت مع المسألة الطائفية في سورية من باب الدفاع عن طائفة ومُصالحة طائفة أخرى، أي أن منطقها طائفي أيضاً لا يرى في المجتمع السوري إلا طوائف تتقاتل أو تتعايش لكنها في النهاية لا تقبل إلا الإنقسام الطائفي والهوية الطائفية. وهذا ما أعتبره عجزاً عن مجابهة المشكلة ومحاولة حلها من خلال بناء دولة المواطنة والقانون وتداول السلطة لا دولة المحاصصة الطائفية. وفي الحقيقة فإن المنطق الطائفي للمقالة لا يحسّن صورة العلويين في أعين أشقائهم السوريين من خلال تصويرهم كضحايا فقراء مغرر بهم وإنما يدينهم بشكل غير مباشر ويؤكد تهم الإستئثار بالسلطة والتفرقة الطائفية. وفي النهاية لا يرى حلاً إلا في إعطاء السنيين بعض المراكز القيادية وكأن كل ما يطالب به المتظاهرون هو مناصب قيادية لبعض المتنفذين من السنيين.

الأحد، 12 يونيو 2011

حين تأتي القيامة ولا يأتي الحساب

بقلم أحمد نظير الأتاسي
 يمر بلدنا وأهلنا بأوقات عصيبة اليوم. كثير من الأذى قد وقع وأعتقد أن كثيراً من الأذى سيقع. إن لغة "نحن" و"هم" أصبحت واقعاً في مجتمعنا سواءً داخل أو خارج سوريا أو على الإنترنت، ولا أعتقد أن الرصين فينا سيستطيع الصمود طويلاً أمام الغاضب والأعمى الموجود في داخل كل منا. سيضطر كثيرون منا قريباً، أو قد اضطروا فعلاً لأسباب مختلفة، لأن يتخذوا موقفاً مما يحدث في سوريا، إما مع أو ضد. ليس من المهم أن نعرف مع مَن أو ضد مَن لأنه عندما تصبح الخيارات محصورة بخيارين إثنين مع أو ضد ينتفي العقل وتتبخر الرصانة وتهرب الحكمة وتبدأ القيامة. هذه قيامة لا حساب بعدها، هي قيامة لا تجلب معها عدلاً مطلقاً ولا حتى عدلاً جزئياً لأن الجميع سيخسرون. يريد كل منا أن يحقّ العدل ويقتص من الظالمين وينتصر للمظلومين، لكن مَن يقرّر توزيع الأدوار؟ في غياب القانون والدولة المحايدة والقضاء المستقل لا يوجد توزيع للأدوار، لا يوجد ظالم ولا يوجد مظلوم بل يوجد قاتل ومقتول فقط. صراحة، ورغم ما أحمله ويحمله الكثيرون من تفاؤل بالمستقبل فإني أعتقد بأننا نسير بخطى حثيثة نحو حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، حرب هي القيامة التي لا حساب فيها ولا بعدها. وحتى نتفادى هذه الإحتمال الذي يتحدث عنه الجميع أكتب هذه الكلمات.