الخميس، 13 أكتوبر 2011

طرًة الليرة و نقشها

بسم الله الرحمن الرحيم
يوسف الخازن
الليرة السورية في مربع سلطة الحاكم و قد نقش عليها اسمه ورسمه وداولها بين رعيته بين المنح و المنع و الخفض والرفع عقوداً من الزمن ثم اضطر إلى تثبيت قيمتها بعد أن دخل في جملة مستخدميها ما يسمى بالمستثمرين الذين باتوا لاعبين أساسيين في الاقتصاد بعد تحويله قسراً إلى "اقتصاد السوق الاجتماعي" في ظل الدستور البعثي الاشتراكي.
ناوشت الثورة السورية ليرتها و قضمت بضعاً منها بلغ 10% في الأشهر الأولى التي شهدت ظاهرتين هما التخلي عن المدخرات بالليرة لصالح القطع الأجنبي أو الذهب ثم تحويل بعض المدخرات إلى الخارج.
و عاد لليرة بعد ذلك بعض قيمتها لتستقر في السوق السوداء ما بين ال 50 إلى 51 لكل دولار و لعلنا نحصي بضعا من عوامل الاستقرار تلك:
1.    قرارات البنك المركزي التي توسعت في عرض الدولار على الأفراد بسعره الرسمي و هو أقل من 48 ل.س /$ فباع لكل فرد يملك خطا خلويا مبلغ عشرة آلاف دولار في الشهر ثم عرض بيع ودائع دولارية بفوائد مجزية تصل إلى 120.000 $ للفرد تربط لمدة شهر واحد على الأقل ثم تحرر.
2.    انقضاء فترة تحويل المدخرات بسلام فلم يعد هناك من يملك ما يرغب بالتخلي عنه بل لا بد للبعض من إعادة جزء من أمواله إلى العملة السورية مادامت عجلة الاقتصاد لم تتوقف.
3.    وجود ليرة أخرى في السوق الرسمية لها كلمتها العليا هي الليرة التي يقبلها البنك المركزي لتمويل المستوردات المصرح عنها و هي بقيت ثابتة عند سعر 47.69ل.س/$ حتى منتصف أيلول الجاري.
ما الذي يتهدد الليرة؟
في ظروف عدم الاستقرار يتهدد قوة الليرة عاملان هما ميزان المدفوعات مع الخارج و الموازنة العامة للدولة.
و قد تأثر الأول بالتحويلات الهاربة و بتراجع السياحة الخارجية و عائدات المغتربين إلى قرابة الصفر و أتى في صالحه الانكماش الاقتصادي المحلي الذي قلل كمية المستوردات و لم يقلل الصادرات.
أما الموازنة العامة فكل المؤشرات تدل على تفاقم العجز كون الحكومة توسعت في الإنفاق المدني و العسكري إلى حد كبير تزامنا مع تراجع كبير في الإيرادات بسبب الانكماش الاقتصادي و هناك سبيل سلكته الحكومة لتخفيف العجز هو إيقاف الموازنة الاستثمارية لصالح الموازنة الجارية و حذف سنة تنمية من عمر البلد.
القشة التي قصمت ظهر البعير الآن هي العقوبات النفطية و بداية التقشف الرسمي تعني أن الاحتياطيات من القطع الأجنبي إلى تراجع و قد فاجأتنا الحكومة بالإرباك الذي تسببت به عقوبات معلن عنها سلفاً و ستكون التكلفة تراجعاً في أسعار بيع الصادرات النفطية على أقل تقدير و خسارة إيرادات شهر انتقالي ريثما يأت قارب إنقاذ صديق للمساعدة.

ماذا سيحصل لو أتى القارب؟
ستعود تدفقات القطع الأجنبي إلى عروق الاقتصاد السوري و سيعوض انخفاض العائدات التقشف في المستوردات و لو فرضنا تكافؤ الأرقام فإن ميزان المدفوعات سينجو من الاستنزاف السريع للاحتياطيات لكن هناك ميزانا آخر سيتحمل العبء الثقيل, إنه الموازنة العامة التي خسرت بسبب التقشف عائدات كبيرة من الرسوم الجمركية و هناك عائدات أخرى ستذهب نظراً للتأثر الكبير في القطاع التجاري الذي سيتوقف مع توقف الاستيراد.
و سوف تتزايد سلبية المؤشرات الاقتصادية التقليدية من نمو و بطالة و نعود حينها إلى الليرة التي لن تجد مناصاً من الترنح بل السقوط أمام نزيف العجز و لو كان المجلس الذي أقر موازنة 2012 جادا برفعها بنسبة 58% فستكون تلك النسبة هي ما توقعه المجلس من عجز و تراجع لقيمة العملة.
و للحديث بقية

ليست هناك تعليقات: